دلـــــمار



التعليق على الصورة : دي مش دلمار .. دلمار دا اسم الصيدلية اللي كنا بنقعد جنبها .. الصورة دي صورة وحده شبه سماح الخالق الناطق





- انا قاعد على ناصية الصيدلية تحت



نطقتها بصوتي واسلوبي .. بلغتي الصعيدية التي خرجت مدوية كرصاصة طائشة في سقف ( لوبي ) الفندق في وسط القاهرة .. وتسائلت من من البنات سينزل اولا ليلحق بي .. كالعادة كنت مستعجلا .. لن انتظر احدا .. الرحلة الجامعية مضى منها ثلاثة ايام وتبقى ثلاثة .. لا استطع ان افوت فرصة ان اجلس على ناصية الصيدلية من الساعة 5.30 الى 7.30 .. معاد وصول اوتوبيس الرحلة اليومي .. .. الصيدلية تطل على ناصية من اهم نواصي وسط البلد تقاطع 26 يوليو مع محمد فريد . . ذكرني ببطل فيلم المليونير الشحات .. ينطق بفخر .. ذا سينتر اوف ذا سينتر .. بالظبط انا في وسط وسط البلد.. نظرة الى الشارع .. مازال مزدحما وشبه متوقف .. نظرة الى باب الفندق .. لم ينزل احد بعد .. نظرة الى واجهة الامريكين .. السيدة بالوشاح لم تنته من قطعة الجاتوه .. كان يمكنني ان اصور فيلما تسجيليا عن كوفي شوب الامريكين .. لولا انني اخاف من دخول المكان .. كل يوم .. اعبر بجوار الواجهة الزجاجية .. في عز الحر .. زجاج الكوفي شوب ( مشبر ) من التكييف .. وكأن من بالداخل قد قطعوا تذكرة الجنة .. فحرمت على وجوههم نار شوارع وسط البلد .. .. لا اعرف حقيقة كم سعر فنجان شاي او قهوة في هذا المكان .. لكنني سأغزوه يوما ما وفي جيبي مائة جنيه .. لاعلم علم اليقين .. من بالداخل .. الصعايدة بشكل خاص تجتذبهم شوارع وسط البلد في القاهرة .. كما تجتذبهم ميامي في اسكندرية .. كما يجتذب صاعق الناموس .. الناموس .. لا احد يعلم ما النظرية .. لكنها تحدث باستمرار .. الشارع مازال مزدحما .. لم ينزل احد بعد ..السيدة بالوشاح تمسح فمها بمنديل من قطعة الجاتوه .. تضع مبلغا في شيك الحساب .. لم استطع ان اتبينه .. ترحل .. يجلس احدهم ملتصقا بي ..


- احمد ؟؟ اوعى من هنا وبطل سخافة


- مالك ياعم ؟


- انت اللي مالك .. جي تلزق فيا بتاع ايه ؟؟


- وانت مستني حد ؟


- مالك انت مستني ولا لا ؟؟

- طب خليني هنا لغاية ما حد ينزل


- احمد انا زهقان منك طول الليل نايم معايا على سرير واحد .. مش تيجي كمان في الصبح تخنقني .. اخلع


- انت حيوان يالا


- عارف بس اخلع


- سلام


- سلام


- على فكرة ياكريم ريحة رجليك مش لطيفة ومش هنام معاك على نفس السرير


- دي ريحة رجلين الواد علي بالمناسبة


- هشممهملك النهاردة..


- يللا يا مقرف


سماح تقترب في عكس اتجاه احمد .. طبعا سماح ستكون اول من ينزل الى الشارع .. كنت متأكد .. شمس صغيرة تمشي مرحة .. تبتسم ليخرج من بين شفاها الورد الابيض .. شمس الشارع تضرب خديها في عنف .. ليصبحا احمرين .. تجلس بجانبي بدون كلام ..نظرت مباشرة الى وجهها .. كيف يمكن ان يشع وجعا كل هذه السعادة من حوله ..


- سماح اقلعي النضارة


- ليه ؟


- والنبي


- اهه


- عنيكي بتضحك


- انت قالب على تامر حسني النهاردة


- وليعوذ بالله


- عنيا بتضحك ؟؟ هبلة انا ؟؟


- لا مش القصد .. ليه انتي اول وحدة نزلتي ..


- انا لبسي زي لبسك بالظبط .. بنطلون جينز وتي شيرت .. اتأخر عنك ليه ؟؟


- فعلا .. حتى مش بتاخدي النص ساعة بتاعة الطرحة


- اه


- مروقة دماغك انتي  .. مش ناوية تتحجبي؟


- خليك في حالك .. اتحجب انت الاول


- حاضر ..


- هنشتغل مين النهاردة ..


- والله .. انا طالبة معايا اصلا نطلع نشتغل في الدفعة فوق


- لا .. دول اغبيا لدرجة ان محدش ينفع يشتغلهم


- ما احنا مش لايق علينا حكاية نشتغل الناس دي .. بصراحة كل ما بنيجي نشتغل الناس هنا بيشتغلونا ..


- عشان احنا صعايدة


- مش لاقية مبرر


- انجزي طيب هنعمل ايه ؟؟


وضعت يدها على اسنانها وخبأتهم .. كأنها تنزف .. من بين اصابعها همست


- اطلب من الناس مناديل


- اوك


سيدة محترمة في المقابل :


- منديل يا ماما والنبي ؟؟


- ماما دي اللي في البيت .. مش هديك منديل عشان كلمة ماما دي


سماح تضحك حتى الفرفرة


شاب لطيف :


- منديل يا كابتن لو سمحت


- ليه ؟


- معلش البنت بتنزف


- تقربلك ؟


- وهو دا وقته


- لو تقربلك أدي الصيدلية وراك .. ادخل خليهم يشوفوها


سماح تضحك حتى الخنفرة


بنت لطيفة .. عبرت الشارع باتجاهنا :


- منديل يا انسة لو سمحتي


- انسة.. ؟؟.. ( تعبث في حقيبتها ) .. استنى .. هات ده دا نافه فيه .. خد ده نضيف


- شكرا


- العفو .. البنت دي قصيرة عليك اوي ..


- شكرا عالاضافة


- وباين كمان ان صحتها على قدها .. بتنزف من دلوقتي اهه


- خدي المنديل وامشي شكرا مش عايز حاجة


- خلاص ياعم سلام


سماح تضحك حتى الشحتفة


- وبعدين يا سماح؟


- مش عارفة والله نعمل ايه عشان نشتغل الناس دول ؟؟ هههههه


- تعالى نتخانق


- قديمة


- بس شغالة


- تعالى


سماح بالصوت الحياني :


- انت اغبى واحد في العالم .. 100 مرة اقوللك قبل الساعة 12 بابا بيكون لسة صاحي ..


- ابوكي ده ارزل واحد في العالم .. ليه لازم يرد على كل التليفونات بنفسه ؟؟


شاب يخرج من الصيدلية قائلا:


- هو اللي بيدفع الفاتورة ياعم ..


سماح تضحك !!


- تاني ..

- انت اغبى واحد في العالم .. 10000 مرة اقوللك قبل الساعة 12 بيكون صاحي .. بابا بيكون صاحي


- ابوكي ارخم راجل في العالم .. ليه لازم يرد على كل التليفونات بنفسه ؟؟


- ياعم وانت مالك ؟؟ اتصل بعد 12 وخلاص .. انت فضحتني في البيت


سيدة في اواخر الاربعين تركب سيارتها :


- انت فضحتني في البيت دي سكة جواز .. اسمع والله الكلام


- احنا اصلا مخطوبين يا ستي ..


تتحرك بالسيارة وهي تغلق الزجاج :


- اشرب ..


هذه المرة ضحكت انا ايضا حتى نزلت دموعي ..


- ايه جدعان .. واحد بيتخانق مع خطيبته هههههه ... محدش هيفك ولا ايه


شاب على الرصيف :


- ياعم ولا خطيبك ولا بتاع .. اقطع دراعي لو خطيبتك


- اش عرفك يا نبيه ؟


- صللي عالنبي يا عمده .. وهي فين الدبل؟


- احنا قالعين الدبل


- فال وحش .. اديكم بتتخانقوا في الشارع اهه.. البس ياعم الدبلة..


- ياعم الدبلة ؟؟


- البس الدبلة ياعم .. ماتزعلش


سماح تضحك حتى الاختناق ..


- اسمع الكلام يا كريم والله ما هينفع .. هههههههه


الوح بيدي من وراء ضهري :


- انا رايح اشرب شاي ياستي  فكك مني


- اسمع بس طاب عندي فكرة جديده !!! 


- اتكلي على الله ..


بنتين في المقابل .. تشير احداهما الى سماح :


- خليكي ناكشة شعرك عليه كده .. اهو اتخنق منك ومشي..


ضحكت حتى فرفرت والناس ضحكت عليا !!


.............................................


الساعة 7.30 :


سماح تنادي من الدور الاول :


- الاوتوبيس وصل يا جدعااااان


عم اسماعيل ( احمر العينين ) :


- يللا ياعم انت وهو وهيا .. انجز ..


واقفا بجانب نافذته :


- اصبر يا عم سواق الاوتوبيس


- ماشي يا عم الصبار ..


كالعادة اخر واحد ركبت الاوتوبيس .. هذه المرة نظر الى عم اسماعيل بعينيه الحمراوين .. نظرة غريبة ..


- مالك يا عم اسماعيل ؟؟


- كام مرة قلنا اخر واحد بيقفل الباب وراه ؟؟


- اه صح معلش ..


استدرت ومسكت الباب .. حاولت بكل قوتي ان اغلقه .. مع صوت ضحكات يتعالى في الاوتوبيس ..


نظرت الى الناس مندهشا .. عم اسماعيل يلوح لي بيده ان ارجع الى الخلف متسائلا :


- مافيش اي فرق عندك بين الميكروباس والاوتوبيس .. ؟


عاد الي احساسي بالواقع وتذكرت ان باب الاوتوبيس يغلق اوتوماتيكيا من عند السائق .. تظاهرت باني لست المقصود بالكلام .. ماشيا في ممر الاوتوبيس .. وسط قهقهة الدفعة .. باحثا عن سماح .. وجدتها وقد حجزت ليا كرسيا بجانبها تربت عليه ان اجلس بجانبها .. وهي تتقلب في موجة ضحك عاتية .. وتردد من وسط الضحكات : 


- اسمع الكلام ياعم  مفيش فايدة ..