ليل خارجي
قم بتشغيل المقطع ادناه قبل القراءة .. ثم اقرأ اثناء الاستماع ..
رغم ان الحياة اتية .. وهي صغيرة .. لم تتعد الثالثة و العشرون .. الا انها كانت متأكدة ان الساعة هي ساعة العمر .. ماذا سوف يحدث في الحياة الاتية اجمل ؟ .. انها مستعدة اذا نزلت من السيارة بعد ذلك ان تحرق شمعة حياتها من طرفيها ..
من لديه اكثر ؟؟..
ليل :
.. ليل ادهم يطبق على انفاس الكون ..وكأنما اطفأ احدهم الاضاءة من اجل هذه اللحظات .. لاضوء الا ضوء خافت في كابينة السيارة .. يجعل الرؤية شبحية اكثر مما يوضحها ..
محمد عبده :
لم تسمع قبل الساعة محمد عبده يغني ( مهما يقولون ) على العود .. والسبب ان القدر كان يريد الاغنية موسيقى تصويرية للسحر ..لا تعرف من اين تأتي الموسيقى في هذه السيارة الغريبة .. لا يحتاج الاسترخاء في هذه السيارة وترك الامور تجري كما رسمت .. الا بهذه الموسيقى .. عذابات كل قصص الحب.. تدق العود ! كل العشاق يعزفون .. هل هذا ما يسمونه الطرب ؟؟ .. لم تكن تتذكر حتى اسمها .. عندما تكالب عليها صوت الكاسيت .. وخليط من رائحة اسطورية تنبعث بالسيارة . وكأنها تخرج من تكييف السيارة مثلا ؟؟ ورائحة عطر هذا الاسطوري الذي يقود !! .. رائحة جعلتها تشعر ان دماغها كرة صغيرة في حوض استحمام ( لا تعرف كيف ) .. لكن هذا ماكان يحدث .. حالة خرافية من الانسجام .. لا تحدث الا مرة بالعمر .. او انها لا تحدث .. ..
مهما يقولون .. مهما صار .. مهما تم .. انت البدايات .. و اخر ساحل ومينا ..
هكذا سيقرر محمد عبده على عوده وسيغنى !!
حب :
الشاب الذي شاغل ( جوالها ) ليال طويلة .. فاز منها بالموعد .. كان اجمل كثيرا من الخيال .. في الحقيقة بالشكل والمضمون .. لا يبدو ان في السعودية كلها شاب مثل من يقود هذه السيارة .. غير فكرتها تماما عن شاب سعودي ! .. بعد ان كانت فقدت املها في الموضوع .. !! لم تستطع ان تمنع انفاسها .. قهريا يعلوا صدرها ويهبط .. الانفاس تتخاذل عن خدمات الاكسجين .. حتى الاحلام لم تكن بهذه الجرأة .. ليس لدرجة الشعر الاسود الفاحم الذي يغطي الجبين بكثافة .. فقط رسومات الهينتاي لديها هذه ( القصة ) .. ايضا هذا الجبين الذي يشرق في ظلام السيارة .. وانفه الشامخ ( العربي اكثر من اللازم ) يعلوا شفاة حمراء قانية بلا تدخل من فوتوشوب المصور !!... ذقن نصف نابت .. لا تعرف كيف يجعل وجهه اجمل .. تشعر ان وجهه مثالي من زاوية ( البروفايل ) حتى اذا اعطاها وجهه .. وضحك ضحكته التي يتشاجر على حوافها طفل و شيطان .. جالت بعينيها سريعا في جمال صفحة وجه .. وكأنها تلثمه بالبصر .. وتمنت ان يترك طريقه واليها ينظر .. هي الان موقنة ان الموت اذا جاء وهي تشرب من قنية عينيه .. فلا باس ابدا .. لا بأس .. عموما هكذا يقضي المتيمون ..
خطر :
اذ اشتد الخطر عليها .. جعلها جذلة .. .. قدرية تماما .. يشتد الخطر الى درجة ان الشخص ( اي شخص في الواقع ) يعرف انها بجوار غريب في السيارة على طريق شبه سريع .. شبه خال .. فأنه يحمل معه تذكرة نهائية .. وان واي تيكيت .. كما تحب ان تسميها وكالات السفر .. هي تعلم ان في هذا البلد لا يمزحون مع موقف مماثل .. لكن الشعور لديها بالخطر .. زاد من رغبتها في التجربة .. حسنا ( تقول ) .. فلتزأر العاصفة ..
في هرجة الناس .. للعذال لا تهتم .. لو هم يحسون بينا .. ماحكوا فينا .. ما عقب شرب الصبر والمر والعلقم .. شي على طاري الفرقة يودينا ..
هكذا يقرر محمد عبده على عوده ويغني
تشعر انها ابتعدت كثيرا .. واذا قال لها قلبها الا تعود الى مدينتها هذه مطلقا .. وان حياتها حتما تسير حيث يسير هذا الاسطوري .. الا ان لسانها يطلب النقيض
- يا ويلك تأخرت .. اخر الدنيا صرنا .. كافي .. ابا ارجع .. ترى تأخرنا -
- الحين نرجع .. ماعليه .. والله ما يمديني اصدق انك معي بالسيارة ..
يمكن يوم ارجع البيت اقول ما صارت .. بس اني اتخيل ..
( ما عقب شرب الصبر .. والمر .. والعلقم .. شى على طاري الفرقة يودينا )
حنا اجتمعنا .. وشمل العاشقين التم .. خضنا حروب الهوا .. فزنا وردينا ..
تتهادى السيارة الى نفس الطريق مرة اخرى .. تعود الى قواعدها .. غير سالمه ..
لن ترى بعد عودتها الا ضحكة هذا الوسيم .. ستنام وتأكل وتمشي .. و هي ترى ضحكة وجهه ..
لن يصبح وجه الدنيا كما كان .. الان في وجه الدنيا يوجد هذا الوجه ..
امضت حياتها تقود .. ولم تتمتع يوما بالانقياد .. اليوم وهي منقادة تمسك الدنيا .. كل الدنيا لديها في هذه السيارة وعلى هذا الكرسي ..
- وش اسمك ؟؟
- عبدالله ..
- ياخي عاشت الاسامي .. يا حبي للاسم ..
- وانتي اكيد مو مثل ما قلتيلي اسمك ..وش اسمك ؟
- خلود ..
- خلود وش ؟
تهز كتفيها بدلال يحرك الرواسي .. وتعلن انه :
- مادري !! .. خلود بس ..
- ما احب هالاسم ..
اعلنت غضبها بضحكة غاضبة وعقدت الحاجبين .. ونظرت اليه شذرا .. توقعت منه اعتذارا .. لكنه لفح قلبها بضحكة اخري .. اذ نظر الى وجهها .. شعرت بأنها هي من سيعتذر ..
الى اين يمضيان .. كان السؤال الذي لم يخطر لها ببال .. حقا تحب ان تكون هنا .. من الان تفكر في المزيد .. اين سيكون ؟؟ وهل سيكون ؟؟ وان كان فمتى ,, واين ؟
قوة سحرية حقيقية وموجودة .. غاشمة .. تجعلها تغوص اكثر في كرسيها وتتأمل اكثر في وجهه .. الكرسي كما لو كان يتسع .. وهي تتضاءل في عالم هذا الرجل اكثر كلما مضى الوقت عليهما .. الان هي مجرد هريرة صغيرة تشرب عطشى من ماء قدم لها في يده ..
والشروط شروطه .. ولا بأس ..
والقصة قصته .. ولا بأس ..
والطريق من اكتشافه .. ولا بأس ..
اهواك .. ماهي مواويل بها اترنم .. ترى المواويل عي اللي تغنينا ..
منا الوفا يا وفي الروح يتعلم .. كل التعابير .. تبحر من شواطينا ,,
يكاد طريق العودة ينتهي .. ومازال الجالس بجانبها يحتكر شهيقها وزفيرها كأن لم تره الا من لحظتها .. لم تفكر الا كيف ستعود .. كيف ستعود الى هذا الكرسي ؟ .. كيف ستقنعه ان يتعطر بنفس هذا العطر مرة اخرى ؟ .. كيف ستطلب منه ان تسمع نفس الاغنية .. في نفس الطريق .. في نفس الخطر .. في نفس الليل ؟؟ .. هل هناك اغان اخرى .. لطرق اخرى ؟؟ ماذا يحمل لها ايضا ؟؟
ماذا يعرف ايضا ان يفعل .. وان كان يبدوا انه يستطيع كل شئ ..
عند نفس محطة البنزين .. ونفس السوبر ماركت والكافيه الذي ركبت معه منه .. تنزل من سيارته امامه مرة اخرى ..
( حبيب عمري حياة القلب خل الهم .. تقسى الليالي ولكن ما تقسينا ..
وان كان جدت جدايد .. حبنا اقدم .. ولا عاش راس على الدنيا يبكينا )
يتحرك السحر شخصيا من امامها الى مكان لا تعرفه للأسف .. ليس بينها وبين رجلها هذا الا رقم ( جواله ) .. والموضوع خطير ..
هل سيذهب ( فكرت وهي تعود الى الكافيه بخطوة بطيئة ) .. هل سيعود ؟؟
ستطلب الان سيارة ليموزين وستعود الى المنزل .. ستحاول ان تقنع نفسها انه سيعود مرة اخرى ..
مهما يقولون .. مهما صار مهما تم .. انت البدايات .. و اخر ساحل ومينا ..
وقفت عند الباب ونظرت مرة اخرى .. نسمة باردة غريبة على المكان تداعب عبائتها الحريرية في رقة لتخبرها ان عليها العودة الى بيتها .. تنظر جيدا الى سراب دربه .. و تسأل نفسها في حيرة صادقة ..
هل كانت معه فعلا منذ قليل ؟
المنطق يخبرها ان .. لا
بقايا عطره في انفها .. يخبرها ان .. نعم !