(مش دي النهاية)










يوم 24 يناير بالليل دخل عليا الشركة ولد شكله عامل زي العيال اليساريين .. ساب على مكتبي ورقة وهو ساكت وبصلي بصة غريبة ومشي ..


سبت الورقة مكانها لغاية ما جه حجاج ومسك الورقة وقاللي بص .. دول عايزين يعملوا مظاهرة بكره ..

______________________________________________مظاهرة هنا في سوهاج ؟؟ هههههههههه .. يبقى فرج بتاع فيلم الكرنك زمانه على وصول .. عشان لو حد فيهم فكر يعمل حاجة زي كده فرج يعمل معاه السليمة .. ضحكنا ومشينا .. بس في البيت بدأت افكر قبل ما انام : انا طول عمري ضد نظام مبارك .. بس ابويا راجل مابيهزرش في الحاجات دي .. لو عرف اني هلعب سياسة في الشارع هيموتني هو بأيده قبل ما امن الدولة تموتني .. رغم اني من يوم 15 وانا بفكر جد اني انزل الشارع يوم 25 لو حد نزل في سوهاج .. يوم 15 عملت بوست بالفرنساوي على الفيسبوك لأني عارف ان مخبرين امن الدولة آخرهم انجليزي مكسر وبالقاموس ..كتبت بالفرنساوي الوان العلم المصري .. كتبت : احمر .. اسود .. ابيض ..







من غير ولا كلمة زيادة من خوفي ان التحرك يجهض ويتقفش كل من لمح اليه .. والغريبة اني كنت خايف من ابويا اكتر من خوفي من امن الدولة ..

يوم 25 وانا في الشغل .. مكنتش عارف اسيب الشغل اقولهم رايح فين .. خصوصا ان مجاتش اخبار عن اي تجمعات .. بس حسيت ان شارع الجمهورية (جنب الشغل) هيحصل فيه حاجة .. قلتلهم انا رايح اصلي في الجامع وراجع .. رحت جامع النادي اللي في شارع الجمهورية لقيت الصلاة خلصت والناس طالعة .. بس لاحظت حاجة غريبة .. فرقتين امن مركزي عاملين كردون حوالين الجامع .. بيطلعوا الناس من الجامع واحد واحد .. وفي ضابط امن مركزي بيمشي قدام الجامع بيشخط في الناس اللي بتبلس الجزم وبيقولهم يللا بسرعة .. كان بيتأكد ان مفيش اتنين هيقفوا جنب بعض في الشارع ..

عملت ساعتها اغرب حاجة ممكن يعملها انسان عاقل .. قدام الظابط اللي واقف مباشرة وعلى بعد حوالي 20 متر .. وقفت ثابت في الشارع .. ساعتها عدى ابن خالتي صدفة في شارع الجمهورية وكان جاي لنفس السبب .. شفنا بعض خلاص ومش هينفع نفتن على بعض .. جه جنبي وقاللي :
- الظابط ده ابن حرام وايده طويله .. انا عارفه .. يللا بينا من هنا دلوقت ابوس ايدك ..
- تفتكر يعني هيعمل ايه ؟؟
- غالبا هيشتمك شتيمة تقل قيمتك في الشارع ..او هيبعت اتنين عساكر يجرو وراك ويجيبوك ويحطك في البوكس ..
- كــ .... امه ..
ساعتها لقيت حاجة غريبة تاني بتحصل ... في شاب اعرفه من منطقة الارقم جه وقف جنبي .. وفي واحد تاني ما اعرفوش وقف .. بقينا اربعة قدام الظابط وباصين عليه .. ساعتها الظابط خد باله وبص ناحيتنا وصرخ بصوت حقيقي مرعب :


- انت هناك بتعمل ايه ؟؟ انـــــــت هــــــنـــــــاك !!!! يللا من هنا ..


الاتنين اللي كانو معايا مشيو بسرعة .. وفضلت انا وابن خالتي ..


- انــــــــــــــــــــــــــــت هــــــــــــــــــنـــــــــــــــــاك !!!!!!!!


ابن خالتي قاللي ابوس ايدك يللا ..  ومشي .. وانا حسيت بخوف حقيقي من صوت الظابط وطريقته في الشخط .. ولقيت نفسي لوحدي وببص له في وشه .. ساعتها فهم اني مش واقف بتفرج .. حط ايده على سلاحه بحركة عصبية ونزل من عالرصيف ومشي ناحيتي .. وهو بيصرخ :


- واقـــــــف عـــــنـــــــــدك لــــــــــيــــــــــه ؟؟


طاقة خوف غريبة سيطرت عليا ولقيت رجليا لوحدها بتمشي بعيد عنه .. بس كانت حركاتي سلسة ومش بتدل على اني شفته وهو جاي اساسا .. عشان البريستيج وكده .. رجعت تاني ناحية شارع ورا النادي واديته ضهري .. وحسيت انه لسة باصص عليا .. لفيت وشي ( تلات ارباع خلفي ) بلغة السينما .. وبصيت عليه وبصيت في عينيه .. شفته باصص عليا بصىة فيها اكتر من كلمة . واكتر من معنى .. عينيه كان فيها فرحة انه خوفني .. وكان فيها شماتة اني ماقدرتش اواجهه .. وكان فيها ثقة ان مش هيحصل معاه كده في يوم من الايام .. وكان فيها استهزاء بقيمتي وشخصي .. واستنكار للي فكرت اني اعمله ..

بصيت تاني على كردون الامن المركزي اللي ماسك ايد بعضه .. وجالي احساس غامض ان العساكر خايفين .. ولما بصيت تاني عالظابط .. لقيتني بقوله بعنيا من غير كلام ( مش دي النهاية ) ..
لما حسيته فهم النظرة وسعت الخطوة خوفا من انه يقوللي تعالى او يبعت عسكري ورايا ..
رحت الشغل تاني وحالة الخوف مسيطرة عليا ..

يوم جمعة الغضب كنت في الشركة ( نص يوم كالعادة ) دخل عليا حجاج وقاللي سامع ؟ .. سمعت من بعيد صوت منظّم بيهتف .. بس واضح ان العدد كبير .. والصوت بيقرب .. الناس كانت بتقول : الشعب يريد اسقاط النظام .. قمت من عالمكتب وجريت يمين وشمال ومكنتش عارف بفكر في ايه او بدور على ايه .. حطيت موبايلي في جيبي .. وطلعت من الشركة اجري ناحية الصوت ..
وانا بجري ناحية المظاهرة جاتلي كل الاحاسيس اللي ممكن بني آدم يتصورها .. كنت خايف وفرحان .. كنت قلقان وفي نفس الوقت حسيت اني في عالم تاني .. شفت العلم المصري بعيد .. وجريت ناحيته ..كأنه هيحميني مثلا . .


اتدفيت وسط الناس رغم ان العدد ماطلعش زي ماتصورته .. وكنت بتفرج وبهتف وانا مخضوض .. وكنت بدور على كاميرات اي قنوات عشان ابعد عنها خوفا من ان والدي يلمحني في التلفزيون او حاجة .. وساعتها مخبرين امن الدولة كانو حوالينا وعاملين نفسهم مننا وبيصورونا .. ما اهتميتش بيهم كتير .. مع اني لمحت في عنيهم نظرة وعيد .. لما وصلت المظاهرة ميدان الثقافة كان آخر نور للنهار خلص .. والليل جه .. واتعمل حوالين الميدان كردون امن مركزي .. وبعد شوية النور طفى فجأة .. اتوترنا جدا .. وبقينا مش شايفين حاجة وحسينا بتحركات غريبة حوالينا .. ودي كانت اول مرة افكر فيها في موضوع ان ممكن تحصللي حاجة .. وبرضه كنت خايف يجرالي حاجة خوفا من ان ابويا يشك اني دخلت مظاهرة ..


 لما النور جه كان ضعف القوات دخل الميدان .. ابتديت اتحرك بغريزة خوف ناحية اطراف الميدان خوفا من اي تدافع او ضرب ممكن يحصل .. وعشان اكون قريب من اي مهرب لو حصل هجوم على المظاهرة المسكينة دي .. لاحظت ارتباك شديد على ظباط الشرطة الموجودين .. حالة عدم اتزان وعدم تصديق حصلت معاهم .. وكانو بيتكلموا في اللاسلكي بقلق وبيهمسوا لبعض .. خصوصا انهم مش عارفين يتكلموا في الموبايل لأن يومها كان مفيش شبكة موبايل في طول مصر وعرضها .. بس الاخبار اللي كانت جايالهم من القاهرة متسربة كانت بشعة بالنسبالهم .. وكانو متصورين ان هيحصل زي كده في سوهاج ..


الحالة اللي الظباط كانو فيها خلتني افتكرت حاجة مهمة .. بدأت اجري زي المجنون وكل ما الاقي ظابط ابص في وشه من بعيد كويس .. لغاية ما حصل اللي انا كنت مستنيه .. في طرف من اطراف الميدان وجنب حيطة عمارة لقيت الظابط اياه اللي كان يوم 25 عند الجامع .. كان بيهمس في اللاسلكي ووشه مليان قلق وخوف ..
ابتديت اتحرك يمين وشمال واقرّب منه عشان ينفع نشوف بعضنا .. لغاية ما لف تاني ناحية الناس وبص بصة وهو بيتكلم في اللاسلكي .. وحسيت انه بيشبّه عليا .. كان نفسي اصرخ واقول له انا اللي خفت منّك من يومين ومشيت .. النهاردة احتمال انت اللي تخاف و تمشي .. فضلت باصصله لغاية ما بص عليا كويس .. وعيني جات في عينه ولمحت فيهم الخوف .. كان كل حاجة فيا بتتنفض ما اعرفش خوف ولا سعادة ولا ايه السبب .. وكل اللي كان نفسي اقولهوله قلتهوله من غير ما انطق ولا كلمة .. وقفت قدامه وكنت منتشي جدا انه مش قادر يزعقلي زي المرة اللي فاتت ..


بدأت الشرطة تتحرك حوالين الميدان ... البوكسات بتنسحب والافراد بيضيقو الدايره .. تابعته بعنيا وهوبيروح ناحية عربيته وبيركبها .. لف وعدى من قدامي وطبعا وهو معدي بصينا لبعض تاني .. طلعت على اول حتة في السور عشان ابقى اعلى من اللي حواليا شوية .. ورفعت ايدي فوق قدام عينيه بعلامة الفيكتوري .. كنت عايز اقول حاجة بس مكنتش عارف اقول ايه .. هدّى قدامي شوية و عنيه كان فيهم قلق غضبان .. وقبل ما يكمل في طريقه عينيه كانت بتقوللي ان (مش دي النهاية)  ..