الخـــــوف من مــــاري








التعريف بالصورة ( قالت يا ولدي لا تحزن .. فالحب عليك هو المكتوب يا ولدي )



الخوف من ماري .. درة اول مجموعة قصصية لي .. دلوعة المجموعة ..

واكثر قصة قصيرة ( عملت سوكسيه ) مع الناس ..

مش عارف ليه جه على بالي اجيب ماري معايا هنا في المدونة ..

اه نسيت .. الخوف من ماري قصة مبنية على احداث حقيقية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2008

3.20 صباحا .. بيت تيتة :

امي : هيا ماتت ؟

جدتي : ماري ماتت بعد مانتي نزلتي السعودية بكام سنة ..

امي : اما كانت بتعرف بابا جايب معاه ايه وهو جاي ..ما قدرتش تعرف انها هتموت ..

انا : ما تتريقيش ياماما .. مانتي نفسك قولتي انها كانت بتقوللك ايه اللي هيحصل

جدتي : في السعودية قالولها حرام الكلام ده

انا : طبعا حرام هو في حد يعلم الغيب الا ربنا

جدتي : ونعم بالله ( ترفع عينيها الى سقف الغرفة وتقلب كفيها في حيرة )

تكمل : بس ماري عرفت انها هتموت ..

ـــ ـــ ـــ

1965

خبز بلدي متراص الى جانب سور السطح

اربعينية بيضاء بادية الجمال ( جدتي ) : هاتي يا بت يللا كفاية الفرن حمي


خمرية حلوة التقاسيم ( امي يا ناس ) : ماما استني تيجي ماري ونشرب القهوة ..
جدتي : اخلصي يا بت .. هتبوظي العيش عشان تقري الفنجان ؟
صبية ثلجية البياض .. احال حر السطوح خديها الى ساحة قتال تنزف دما ( خالتي ) :
اخلصي والنبي بلا قهوة بلا بتاع ..

جدتي : رصي الرصة دي وهيا زمانها طالعة ..


خبز بلدي يتراص في حماس داخل فرن ساخن..
صوت ( شبشب ) حريمي رتيب الخطى على السلم .. يربك العمل
امي تناول جدتي ( المطرحة ) وهي تنظر الى السلم ..
تتناول جدتي ( المطرحة ) وهي تنظر الى السلم ..
تجلس خالتي القرفصاء مستندة الى سور وتنظر الى السلم ..
تظهر على السلم سيدة بيضاء .. ليست صغيرة في السن .. لكنك لا تستطيع ان تصمها بالهرم ..
ولا تستطيع ايضا ان تخمن .. اين ذلك الشيء .. ماهو الشيء .. اسم الشيء
لكن هناك شيئا ما ..

تحمل صينية نحاس منقوشة .. عليها ( سبرتاية ) وعلب صغيرة ومجموعة فناجين ..
تنظر الى الجمع في جذل .. وكأنها ساحرة قرون وسطى تستعد للحرق وتعلم انها لن تحترق..
وضعت ما في يديها على الارض .. رحبت بالجمع ..
هذه فائدة ان تكون جارتك قارئة فنجان ..
تنتظر الغيب كل صباح ..فيأتي منسابا على اصابع بضة ممتلئة .. تشير في نعومة الى نتوءات الفنجان ..
فنجانك .. وريقك .. لا احد يغش .

جدتي : اتأخرتي
ماري : يادوب يا حبيبتي خلصت وطلعت ..فطرتي ؟؟
جدتي : اه
ماري : اعملك فنجانك ؟
جدتي : واعملي للمطيورة دي .. الا مستنياكي من بدري.
تنظر ماري الى السمراء .. وتكلمت عيناهما عن الحظ والنصيب
ماري مشيرة الى امي : البت ام فنجان حلو دي ؟؟
ماهي عارفة انها فنجانها حلو عشان كده عايزة تقراه كل يوم ..
تبتسم خالتي في سخرية وهي تقرب باقي اقراص الخبز : البت ام فنجان حلو .
تهز امي اصابعها في حماس انثوي محبب وتكرر خالتي وكأنها تعاير : يام فنجان حلو !!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ماري متربعة على سجادة صلاة فرشتها لها امي .. تحمي جسمها الطري من الحصى وفتات الخبز المسنون ..
تمسك بالفنجان وتضعه في النور .. : فين عدلتك من قلبتك ؟
- الحاج احمد راجع النهاردة يا ام صفوت ..
جدتي : يا وليه بطلي بكش .. مانتي اكيد عارفة مواعيد اجازاته
ماري : ما عشان كده والله مستغربة .
جدتي : ليه ؟
ماري : عشان لسة فاضل يومين على اجازته .
جدتي تسحب ( البشكور) من الفرن جافلة وتدير وجهها الى ماري : تصدقي صح ؟
.. ماله يا ماري ..
ماري : متخافيش راجع معاه حاجات يبقى اكيد مش عيان ولا فيه حاجة متخافيش .
تبلل جدتي شفتيها بلسانها من حر الفرن .. : ان شالله .
ايه تاني ؟
ماري : اخوكي فاروق ماله ؟
جدتي : لسة والله ماعرف ماله .
ماري : جايلكم سمك .. وصفوت هيسافر
جدتي : ماهو طول عمره مسافر.
ماري ضاحكة : يا شيخة حرام عليكي .. هو عتب برا سوهاج خالص .
جدتي تضحك ايضا : مانتي كل ما تشوفي فنجاني تقولي صفوت مسافر .
تنطق ماري كلمتها المشهورة : وانا جايبة حاجة من عندي .. فنجانك اهه .
تعالي يا بت انتي .. فنجانك اهه .
فنجانك اهه .. برضو .. جالك الواد الاشعل والا الاشقر ده .. وخدتيه وسافرتوا..
امي : وخدني وسافرنا ..
ماري مصححة : وخدتيه وسافرتوا ..
امي : رايحين فين ؟
ماري : معرفش .. رايحين تيجبوا الحاجات .


تخبئ امي اسنانها الجميلة بكف ملطخ ببقايا العجين وترنو ضاحكة :
- حاجات ايه ؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بيت جدتي : 2008

امي :.. ازاي بقى بقيت بخاف من الست دي بجد

قعدت اربع سنين في الكلية مخطوبة لمحسن ومحتارة قوي.
جدتي : ليه ؟
امي : لاهو اشقر ولا اشعل ولا خدته وسافرت
بس اول ما خلصت الكلية ومحسن خلص الجيش .. وجالي العقد بتاع السعودية ..
بدأت اتخض صراحة .. وبعد حوالي عشر سنين .. ببص مرة لمحسن في المراية كده ..
لقيت مافيهوش ولا شعراية سودا .. شعره بقى ابيض قطن .. مع انه مكانش كمل حاجة لسة ..
كان لسة صغير والله ..شكله بقى عامل فعلا زي الشقر او الشعل .. ابيض ابيض قوي .. وشعره مش اسود
قلتله : انت الواد الاشقر او الاشعل اللي خدته وسافرنا .
يدير ابي عينيه بسرعة الى امي متسائلا : مين ؟؟ ايه ؟؟

تضع امي يدها على اسنانها الجميلة ممسكة بطرف الطرحة السوداء التي كانت منهمكة في لفها
وترنو ضاحكة : عايزين نجيب الحاجات .
يعود ابي وينظر الى المراة ويسرح شعره قائلا بلا مبالاة :
حاجات ايه ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2009

عندما قالت امي انها ذاهبة لذلك العزاء .. قال ابي اني لا محالة ذاهب معها ..
لانه مشغول .. وانا من سينتظر معها في العزاء . ويعود بها.
انا : عزا نسوان يا بابا .. اقعد اعمل فيه ايه ..
ابي : بس ياد . مش بيت واحد قريبك ده اللي هتترزع فيه ؟
( لا اعرف كيف يكون جوز خالة بنت عم خالة امي قريبي!!)
امي : اخلص يابني اتأخرت..
............

دخلت امي العزاء .. وقررت ان اكون انا ( عبده العبيط ) اليوم
سأدخل الى البيت كأني متربي فيه .. واجلس في ( البلكونة ) اشرب قهوة سادة ( لانهم لا يقدمونها زيادة في العزاء )
و( اولع سجاير ) واتفرج على النسوان وهن يتصنعن الحزن ويتبادلن الهمس
عن ( بتاع الستاير ) الجديد اللي في ( الحميات )..
او عن دكتور قناة المحور الذي يصر ان ( الموز ) بيخسس.
عندما عبرت الصالة طوليا مستمتعا بحالة ( عبده العبيط ) قاصدا البلكونة ..
وجدت ان هناك من يشغل كرسي البلكونة ..
لعب ( عبده العبيط ) دوره جيدا .. لان كرسيا اخر كان في المواجهة ..
انه كرسي عبده العبيط ..
( خد بالك ) جاءت متأخرة جدا ..
لانني فعلا جلست على الكرسي .. والمسمار الغبي تجاوز الجينز ..
وسلم على ( الكريمة ) احلى سلام ..
قمة الفضيحة في موقف كهذا ان تسمح للاه ان تنطلق ..
تذكرت كلمة صديقي العزيز : سكتت والدمع اتكلم ..
ضحكة الفتاة على الكرسي الاخر كانت اجمل مافي الموضوع ..


كائن ابيض .. حلو التقاسيم .. يمثل اعلى درجات ( الكونتراست )

بين لونها الابيض الناصع

واسود العزاء .. الحالك ..

تركت المسمار يعور في ( الكريمة ) كما يريد .

ناظرا الى ( القصة ) المتطايرة كأنه كليب على ميلودي

قفز الى خاطري كوبليه سعدون ( الهوا يلعب بالجذلة .. بعينه تلوق الكحلة )

( الجذلة ) = ( القصة ) , ( تلوق ) = لايق عليها .
وصليب ذهبي رقيق نائم على ريش النحر ..
( يا حبيبي يا بابا )
- ماخدتش بالك م المسمار ؟
- ها ؟
- اصل انا برضه اتشكيت قبلك فيه
- اااه
- شربت قهوة ؟
- ها ؟؟
- القهوة اهي جاية .. عايز ؟
- ااه ..
- انت ابن مدام ( ... ) ؟
- ها ؟؟
- اللي دخلت معاك دي ..
- ااه ..
تناولت فنجان القهوة من على صينية لا اراها من شخص لا اعرفه ..
واكملت حالة ( ال ها . وال اااه ) ..
- انتي مين ؟
- مش متأكده ..
- ها ؟؟
- مش متأكده انك تعرفني ..تعرف حد اسمه عزت ابراهيم ؟
مستخفا دمي - ودا يبقى مسيحي ولا مسلم ؟
داعبت صليبها الرقيق وكشفت عن اسنان تشبه اسنان سيجنال 2 شخصيا
- ههههه ايه رأيك ؟ .. طب تعرف واحدة اسمها ماري باسيليوس ؟
- اكيد انا اعرفك .. بس بعدين هعرف انتي مين.
- هههههه
- دا ابويا وامي ..
- ربنا يخليهملك ..
- هههه .. ماتو الاتنين ..
- ربنا يخليهملك..
- تحب اقرالك الفنجان ؟؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تألقت مقلتاها الف مرة ..
لمعت عدستاها كقطعتي ثلج ..خرجتا توا من الايس ميكر..ولم تتحملا حرارة الجو ..
قبل ان تقول وهي تدير الفنجان في يدها ..
- تلاتة صحابك ..
- حصل ..
- تلاتة اخواتك ..
- حصل ..
- اقعد ساكت ..
- حصل ..
- عايز فلوس ؟؟
- حصل
- في فلوس اهي جاية ..
- حصل ..
- بتجري ورا حد ؟
- حصل ..
- هيجري هوا وراك بعد شوية ..
- يارب ..بعد قد ايه والنبي ؟
- نقطتين ..
- يومين ؟
- او سنتين ..
- ربنا يطمنك ..
- ......
- ......
ولما وقفت امي .. اشارت .. سكتت البنت عن الكلام المباح ..
- فرصة سعيدة يا انسة ( بسنت )
- دا مش اسمي .. انا ماريان
- شكلك ( بسنت ) .. مع السلامة .
____________________
15 يوما بعد العزاء :
على سلم عمارة انتظر صديقي .. الذي لا اطيقه ..
كل مقومات صداقتنا انه يسكن في عمارة من قالت عنها ( بسنت ) انني اجري وراها ..
ليست هذه اقدامه .. انها نقرات رقيقة على السلم ..
ظهرت من اعلى السلم .. و ازداد احتياجي للاكسجين
( صدري طالع نازل ) على راي المصريين
تمسك بكتابين احسدهما .. فيديها تمسك بهما ويستندان على جنبها ..
ظهر مفعول الحسد سريعا ..
تدحرج كلا الكتابين على السلم حتى وصلا الى اقدامي ..
حملقت فيهما طويلا .. طويلا جدا ..
حتى كانت هي امامي .. مترددة .. اتلتقطهما .. ام تنتظرني لأفعل ؟؟
حملتهما من على الارض .. وفي بطن التي شيرت .. مسحتهما ..
وقدمتهما اليها .. ثم قالت الكلمة التي ستكون شريك احلامي فترة طويلة :
- ميرسي ..
قالتها واكملت طريقها نحو باب العمارة ..
عندما استفقت من حالتي الغربية جريت ورائها ..
لاشاهد مشيتها الحلوة في الشارع.
احسست بفرحة قوية تبعثر اجزائي في الهواء ..
تلاشت تدريجيا ليحل محلها خوف مبهم غريب ..
لقد بدأت اخاف من ( بسنت ) .


هناك تعليق واحد:

من اجل عينيك يقول...

الله الله الله
روعة روعة روعة
اسلوبها وفكرتها وطريقتها
بجد والله انا مبهورة بيها بحوارها بجوها بابطالها
هي فعلا هتبقى درة المجموعة